Friday, January 16, 2009

عرب ما بعد الحداثة


في المقال السابق أبان الكاتب بعضا من ملامح فلسفة فوكو في تأريخ أنظمة الفكر الانساني...
تلك الفلسفة القائمة علي تعريف فريد للنسق في ما بعد الحداثة التي أراها أمتدادا لفكرين هما المادية الجدلية التقليدية لماركس و التي هدمت بعض بؤر الحداثة نفسها التي أستمدت جذوتها من بعض الأفكار الدينية كالفكر البروتستانتي للوثر و المسيحية و المفهوم الديني عموما والفكر الليبرالي لأدم سميث الذي يهيمن اليوم علي معظم أنحاء العالم....
و لأننا نختلف تماما عن النظريتين فلم تنتشر الشيوعية في العالم العربي و كذلك لم تصل الينا اليبرالية كاملة بسبب ديكتاتوريات مطلع القرن صار تأريخ الفكر العربي معضلة شديدة أذ أن "مابعدحداثية العالم العربي" أتت في غياب تام لفكر معين فيمكننا أن نصف الفترة في القرنين التاسع عشر و العشرين بفترة غياب النسق أصلا طبقا لفلسفة فوكو
فالعالم العربي شهد محاولات لخلق هوية خاصة به مرتان و للأسف كانت فترتان مليئتان بالديكتاتورية الفترة العثمانية و التي شهدت وأد الليبرالية المصرية في مهدها مطلع القرن الماضي و الحقبة الناصرية التي صدت المد الشيوعي لذلك فأننا في عالم خاص لا يعرف من الفكر الانساني الا القشور و بالتالي لا يصلح نهج فوكو في تأريخ أي بؤرة للفكر العربي لأنه ببساطة غائب منذ قرنين..... الفكر العربي ممثلا في الهوية و القومية و الدين صار مسخا مشوها بسبب تناوب الاحتلال علي بلاده
و هو ما منع قيام أي حركة تنويرية تدفع للأمام و بالتالي أختفت فترة الحداثة من الفكر العربي و صار ما هو موجود نسخة عربية شاذة
لخليط من مساويء بقية المذاهب فأنت لا تعرف في بلد مثل مصر مثلا توجهات الأصوليين ولا حتي الليبراليين أما الشيوعيين ان وجدوا فنتيجة لضيق الأفق هم مجموعة من الكفرة في نظر العامة و بالتالي لا مجال للحديث عن بؤرة فكرية معينة في غياب التفكير المستقل المنزه عن اتجاهات و قوالب جامدة من الأساس

................................................

لا سبيل لأي تنوير حقيقي أو أي محاولة تأريخ لأي نظام فكري في عالمنا العربي الا بوجود نظام فكري عربي لا يراعي القوالب المصمتة و الاحكام المسبقة....
نظام فكري قائم توجهه بوصلة لا تشير الي الغرب ولا الي الشرق توجهه الي حيث ينتمي بحيث يخرج من رحم هذا التنوير فلسفة عربية خالصة ففوكو مثلا شاذ جنسيا و تعاطي بعض عقاقير الهلوسة لكي يصل الي النشوة و هو نتاج للفكر الليبرالي
نحن بحاجة الي فوكو الخاص بنا لتخرجنا فلسفته من نسق"التبعية" أو نسق من لا نسق له الي نسق خاص بنا نفهمه و عندها ... عنده فقط نختار أما البقاء داخل ذلك النسق الخالص أو التحرر من ذلك النسق بمحض ارادتنا و نصبح فلاسفة

Thursday, January 1, 2009



الذات والنسق*


رؤية للحداثة العربية وريثة الحداثة الغربية ..... وحيرة ما بعد الحداثة



قبل الانخراط المتعجل في تعريف الذات والنسق فلنقي أضاءة جانبية قد توضح مفهموم الحداثة وما بعد الحداثة وعلاقتها بنا
كمجتمع
يتعرض لهزات داخلية عميقة وحيرة لها أسبابها

لست أدري لماذا لا احبذ الحفر من تحت جذور الشجرة ولكني افضل
تأمل أوراقها الخضراء اليانعة وايضا الذابلة
منها......لهزا السبب سأتحدث عن التيارات الحديثة نسبيا في مواضيع المابعد حداثة كنوع من شغف النظر لأوراق الشجرة وليس لجذورها البعيدة حتي عن بصري الآني فما بالك ببصري التاريخي الحائر بين ملايين الصور الروائية المتناقضة والتي يصعب علينا تحديد صحتها بمنهجية وموضوعية.....لذا فلنبدأ من ما بين أيدينا ونرجع للخلف
تاريخياُ...
رجوعاً متمهلاً
لم تهتم التيارات المابعد حداثية بالتاريخ كسرد روائي بحت قد افسده تناقض الروايات ولكنه اهتم بتأريخ الفكر...كيف نشأت تلك الفكرة؟؟.....كيف ظهرت فكرة التنوير الاوربية مثلا عبر بحث في تاريخ الفكر وقتذاك؟؟
ولد ميشيل فوكو في 15 تشرين الثاني/أكتوبر من عام 1926، وتوفي في 25 حزيران/يونيو 1984) فيلسوف فرنسي كان يحتل كرسياً في الكوليج دو فرانس، أطلق عليه اسم "تاريخ نظام الفكر". وقد كان لكتاباته أثر بالغ على المجال الثقافي، وقد تجاوز أثره ذلك حتى دخل ميادين العلوم الإنسانية والاجتماعية ومجالات مختلفة للبحث العلمي.
مطاع صفدي (أديب ومفكر عربي) يقول عن ميشيل فوكو: الحقيقة فوكو صاحب منهج مهم جداً وثوري جداً وأعتقد أن الفلسفة كانت تبحث عن هذا المنهج منذ أيام أفلاطون وأرسطو وحتى كانط، هو اكتشافه بما يسمى بالنظام المعرفي اللي سماها بالأبيستيم، فهذه الأبيستيم نظام معرفي معيّن في كل عصر يصبح كالمركز الذي منه تنبثق المناهج والأفكار والعادات وحتى أنها تطبع شخصية العصر وتنصب شخصية العصر بكامله والهدف الأعظم للفلسفة هو اكتشاف هذه الأبيستمولوجيا، هذا النظام المعرفي الذاتي الداخلي الذي يمكن أن يسمى أيضاً بنظام الأنظمة المعرفية لأنه ينتج بقية الأنظمة المعرفية التفصيلية التي تقود جميع مختلف عناصر الحياة ومفاصلها، من هذه الناحية وجدت أن ما نحتاج إليه نحن في نهضتنا الفكرية العربية هو اكتشاف هذا النظام الذي أسميه أيضاً نظام الأنظمة المعرفية


هذا النظام المعرفي هو ما نعنيه بكلمة نسق في كتاب ميشيل فوكو( الكلمات والاشياء) يعبر عن تياره الفكري الذي يهمش الذات بمعناها الانساني من وعي وارادة ومسئولية في مقابل
: النسق او النظام المعرفي.....يقول فوكو
"ان النقطة التى شهدت هذه القطيعة انما تقع –على وجه التحديد- يوم كشف لنا ليفى شتراوس بالنسبة الى المجتمعات ولاكان بالنسبة الى اللاشعور عن وجود احتمال كبير فى أن يكون "المعنى" مجرد تأثير سطحى وعندما بين لنا كل منهما أن ما قد وجد قبلنا. وأن ما يدعمنا قى المكان والزمان ان هو الا النسق أو النظام

وللحديث بقية بأذن الله