Sunday, June 14, 2009




فوكو و كانط والتنوير ونحن


============



((الفكر ليس ما يجعلنا نؤمن بما نفكر ونرضي بما نفعل ، بل هو يجعلنا نطرح مشكلة مانحن عليه بالذات 000 ليس عمل الفكر ان يدين الشر الذي سكن كل ما هو موجود بل ان يستشعر الخطر الذي يكمن في كل ما هو مألوف وان يجعل كل ما هو راسخ موضع اشكال))


حوار بين ميشيل فوكو وهيوبرث دريفوس و بول رابينوف ضمن كتابهما (( فوكو 000مسيرة فلسفية ))000



==========



حول سؤال ( كانط ) عن الأنوار 1784 ( ما هو التنوير ؟ ) يعتبره فوكو سؤال مُحقب ( peَriodiseَ )

وراهن وسماته تلك التي جعلت فوكو يثمنه غالياً في بحثان حول الفرد والسلطة 0000 لكن اذا كان فوكو يوافق علي المطلب الكانطي حول الاهتمام بالراهن والدعوة الي استخدام العقل الخاص استعمالاً عمومياً وفي كل الميادين ولا سيما الدين حتي نصل للأستقلالية والنضج فأنه لا يوافق علي الحلول التي يقترحها كانط والمتمثلة في رعاية الدولة للعقل 0000 ترعاه وتؤمن تقدمه لأن هذا التآزر بين العقل والدولة - والذي تم فعلاً - سيجعل الجانب التنظيمي والاداتي للعقل يطغي علي الجانب النقدي فينساق الي القسمة والتقويم والضبط في نظام تأديبي متعدد الشبكات 000 انه يحدد الخارج لينظم الداخل 000 ما يمكن اعتباره قدسية اللاقداسة 0000 فأن ازيليت القداسة والهيبة من فوق الأحكام المسبقة والقوانين الفكرية العامة وضربت بسهام الشك والريبة فأن رعاية الدولة لتلك المرحلة اللا قداسية قد يصنع لها _ أي لتلك المرحلة - تطور تنظيمي شبكي سلبي يجعل من اللاقداسة شيء مقدس في حد ذاته 000 حيث يغلب الجانب الدعائي ربما للحرية وليس الجانب الأبداعي 0000 وربما نجد ميلان كونديرا يقترب فكرياً كثيرا من تلك المرحلة الفكرية الحداثية في الفكر الغربي من خلال نقده لرواية جورج أوريل ( 1984 ) 000يقول ميلان كونديرا : هناك جانب في الرواية يقوم بدور سيء وتأثير رديء ومريب ويكمن في استلاب الواقع وتقليصه بشدة وذلك بتغليب جانبه السياسي علي كافة جوانبه الأخري ،وفي هذا الجانب السياسي يتم اختصاره في ناحيته السلبية فقط ، لهذا يرفض الكاتب بعد هذا الرصد ان يغفر للكاتب هذه القصدية بحجة انها مفيدة في كفاحنا ضد الشر الشمولي ذلك ان الشر الشمولي فيما يراه كونديرا هو بالضبط تقليص الحياة السياسية والسياسة نفسها لتصبح عندئد مجرد دعاية للنظام القائم أو للحزب الحاكم الذي يرعي هو نفسه تلك الدعاية بحجة رعايته للحرية وحرية أبداء الرأي والعقل عموماً 000 وهكذا يمكن القول ان رواية جورج اوريل بفرض نواياها الطيبة تنتسب هي نفسها للعقلية الشمولية ، عقلية الدعاية ،انها تقلص وبقصدية حياة مجتمع مقيت وذلك من خلال الأقتصار علي جرائمه ومسالبه فقط ولعل تلك القرآة التفكيكية لميلان كونديرا تقترب الي ما خلف اللا دوجما 000 اللاقداسة 000الا وهي مشكلة الحقيقة

قرآة أخري أقرأها في واقع السينما المصرية الحالي بانتشار الأفلام الناقدة لنماذج سياسية واجتماعية - بطيبة نية ربما - والتي تبدو وكانها تسعي لتقويض تلك النماذج بطريقة دعائية تشير ربما اول ما تشير داخل مشاهديها الي النظام الحاكم الحالي والذي سمح بأخلاصه للحريات والديموقراطية بأنتشار تلك الافلام 0000 مثال علي ذلك رواية الدكتور علاء الأسواني ( عمارة يعقوبيان ) 000 وهي ربما يعتبرها البعض مرحلة ووقفة في الرواية المصرية الحديثة 0000 نجد نموذج للشاذ جنسياً والذي يمارس عمله كصحفي ناجح و باحث عن الرفيق المثلي لتنتهي حياته علي يد احد الرفقاء 000 والسياسي العملاق المخضرم الشمولي الفاسد الذي يعين هذا ويخرج هذا من جنة المناصب الحكومية العليا 000 والتاجر نصف المتعلم الفهلوي الذي يعلو بأمواله نحو منصب عضو مجلس شعب 000 والشاب ابن البواب الذي يحلم بالألتحاق بكلية الشرطة وينتهي به المصير بالموت كأرهابي 000 والمحامي الماجن الذي لم ينسي ايام مجده الارستقراطي في الاربعينيات فنجده منهمكاً في ملذاته 0000 كلها نماذج شديدة السلبية وكأن المجتمع قد انحصر فقط في تلك النماذج000 قصدية المؤلف او لا قصديته لا تعنيني بقدر ما يعنيني الانطباع والدلالة التي يتركها القاريء أو المشاهد لتلك الافلام حيث كل شيء فاسد ونتن وفائح الرائحة 00 النظام الحاكم الشمولي الفاسد نفسه هو من يرعي تلك الأفلام والروايات ناشراً رياحه التقدمية والديموقرطية فهو من سمح بنشر تلك الروايات وصناعة تلك السينما وهو من هو في فنون التقويض الأرهاب الفكري والأمني 0000 نماذج سينمائية أخري فأفلام ( حين ميسرة )000 وغيرها ممن تتحدث عن الفساد الاجتماعي والسياسي ليس هنا معرض الحديث عنها

================

جورج كانيفلام : ( أنه لامر عسير ان نكون الاوائل في اعطاء اسم لشيء او علي الأقل وضع بيان وصفي للشيء الذي نقترح له أسماً 00 لذلك لم يكن مفهوم ( الأبستيمية ) واضح تام الشفافية مع ان ففوكو وضع مؤلفاً كاملاً لتوضيحه في كتابه الكلمات والاشياء ) 000

================

الأبستيم : مجمل العلاقات التي قد تربط في وقت معين بين الخطابات المختلفة ( ديني وسياسي واقتصادي ورياضي وواجتماعي ) والتي تفسح مجالاً لأشكال معرفية وبين العلوم

هي جملة الروابط والعلاقات التي تربط المعارف المتنوعة في حقبة زمنية معينة ولا يشترط ان تكون تلك المعارف علمية او ذات اساس علمي000 مثلا ابحاث فوكو بشأن القرن 16 ومعارفه التي كانت مزيجاً من المعرفة العقلية والأفكار المتأتية من ممارسات سحرية وارث ثقافي 000 انها الابستيم او النظام المعرفي للقرن 16

ذلك النظام المعرفي لا يمكن مقاربته اطلاقا الا انطلاقا من الفينمولوجيا ( الظواهر) حيث لموضوعات العالم حضورها ومعناها ، ليست انطلاقاً من فلسفة الذات حيث ( الانا ) أو ( الكوجيتو ) هو الوحدة الاولية التأسيسية ولا انطلاقا من فلسفة التاريخ التي بقتضاها تتبلور روح العصر وتتحدد الحتميات الموجهة لمعني التاريخ وتواصله وغائيته 0000انها ما جعل الابستيمية (( حقلاً مفتوحاً للعلاقات القابلة للوصف دون حد )) ليست كالبنية في المفهوم البنيوي ولا مفهوم الشخصية الأنسانية عند الأنثروبيولوجين فالنسبة للبنيوية تتحدد البنية لأي نظام معرفي بقواعد متعالية بقواعد متعالية بمقتضاها يتم اعادة تنظيم العناصر البنائية في قواعد لها فاعلية سببية ونظام متجانس يؤخذه عليها فوكو الذي لا يعترف سوي بالتعدد والمغايرة واختراق البنيات ذاتها 000 اذن ليست الابستيمية قاعدة او جرد شمولي لطرق انتاج المعارف والحقيقة بل هي ( هذا الاساس لكل علم ممكن ) وقد يغري هذا بتنزيل فوكو الي قائمة الكانطيين الجدد لانه مهتم ببحث شروط المعرفة 000 كيف نعرف؟؟000 ولكن الفرق واضح بين فوكو وكانط 0 ان فوكو مهتم بالمعرفة تحت ضغظ شروط كل تجربة تاريخية وليست معرفة كلية عامة( فالكلي والعام ذاته تاريخي) ان الابستيمية كما يصفها جان لوك شليمو : كيف نعرف لهذا او لتلك الفترات ؟؟ 0000 فمتابعة الجنون او العيادة او اللغة او الجنسانية متابعات موقعية مطاعية مؤرخنة تظهر هذه الموضوعات في عرائها المادي المنكشف في علاقاتها مع الخطابات المختلفة ضمن شروط الواقع والتجربة لا ضمن شروط الأمكان العامة

===========

ان نكون الأوائل هو ان نكون ملعونين ومحتقرين


نيتشه